فصل: أمر النيل في هذه السنة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


وتوفي الشيخ الصالح المعتقد عبد الله الجبرتي الزيلعي الحنفي في ليلة الجمعة سادس عشر المحرم ودفن بالقرافة وقبره معروف بها يقصد للزيارة‏.‏

وكان من عباد الله الصالحين رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأمير شرف الدين موسى بن الأزكشي في سادس عشر ذي القعدة بالمحلة من أعمال مصر وحمل إلى داره بالحسينية وهو إذ ذاك من أمراء الطبلخانات‏.‏

وكان دينًا عفيفًا‏.‏

تولى ولايات جليلة منها‏:‏ الأستادارية العالية والحجوبية واستقر في أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين مشير الدولة‏.‏

وكان إذا ركب يحمل مملوكه وراءه دواة ومرملة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أطلمش بن عبد الله الدوادار أحد أمراء الألوف بديار مصر في شهر ربيع الأول بدمشق وقد أخرج إليها منفيًا على إمرة مائة وتقدمة ألف لما ملك برقوق وبركة ديار مصر وصار لهما أمرها ونهيها‏.‏

وكان من أعيان الأمراء وهو أيضًا أحد من قام على الملك الأشرف شعبان‏.‏

وتوفي القاضي علاء الدين علي بن عبد الوهاب بن عثمان بن محمد بن هبة الله بن عرب محتسب القاهرة في ثالث عشر ذي الحجة بمكة بعد قضاء الحج‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين علي بن كلبك شاد الدواوين في جمادى الآخرة‏.‏

وكان ولي في بعض الأحيان ولاية القاهرة‏.‏

وتوفي الشيخ المعمر سند الوقت صلاح الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر المقدسي آخر من بقي من أصحاب ابن البخاري في شوال بصالحية دمشق‏.‏

وتوفي الأمير شرف الدين موسى بن محمد بن شهري الكردي نائب سيس‏.‏

وكان فقيهًا شافعيًا فاضلًا كاتبًا‏.‏

قلت‏:‏ وبنو شهري معروفون منهم جماعة إلى الآن في قيد الحياة ويلي بعضهم أعمال البلاد الحلبية في زماننا هذا‏.‏

 أمر النيل في هذه السنة

‏:‏ الماء القديم ستة أذرع واثنان وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعًا وخمسة أصابع وقيل أربعة عشر‏.‏

وهي سنة إحدى وثمانين وسبعمائة فيها كان ركوب إينال اليوسفي على الأتابك برقوق وقد تقدم ذكر الواقعة في أصل هذه الترجمة‏.‏

وفيها كان الكلام من الحائط كما تقدم أيضًا‏.‏

وفيها توفي الشيخ تقي الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن علي الواسطي الأصل المصري المولد والوفاة الشافعي المقرئ المحدث الشهير بابن البغدادي بعد ما عمي في يوم الأربعاء سادس عشرين شعبان بالقاهرة‏.‏

ومولده ببغداد سنة سبع وتسعين وستمائة وكان ولي قضاء المالكية بدمشق مدة ثم صرف‏.‏

كان فقيهًا تصدر للإقراء بمدرسة الحاج آل ملك والجامع الطولوني وتولى مشيخة الحديث بالخانقاة الشيخونية‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن مرزوق العجيسي التلمساني المغربي المالكي‏.‏

كان من ظرفاء عصره‏.‏

ترقى عند الملك الناصر حسن حتى صار صاحب سره وإمام جمعته ومنبره‏.‏

ثم توجه في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة إلى الأندلس خوفًا من النكبة ثم عاد إلى مصر وتولى عدة تداريس‏.‏

وكان له سماع كثير وفضل غزير‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام الأديب البارع المفتن الفقيه برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ الإمام المفتي شرف الدين عبد الله بن محمد بن عسكر بن مظفر بن نجم بن شادي بن هلال الطائي الطريفي القيراطي الشافعي بمكة المشرفة في ليلة الجمعة العشرين من شهر ربيع الأول ودفن بالمعلاة بعد صلاة الجمعة‏.‏

والطريفي نسبة إلى فخد من طيء والقيراطي نسبة إلى قيراط وهي بلدة بالشرقية من أعمال الديار المصرية‏.‏

ومولده ليلة الأحد حادي عشرين صفر من سنة ست وعشرين وسبعمائة‏.‏

ونشأ بالقاهرة وطلب العلم ولازم علماء عصره إلى أن برع في الفقه والأصول والعربية ودرس بعدة مدارس وسمع الكثير وبرع في النظم وقال الشعر الفائق الرائق‏.‏

وعندي أنه أقرب الناس في شعره لشيخه الشيخ جمال الدين بن نباتة من دون تلامذته ومعاصريه على ما سنذكره من شعره هنا‏.‏

وقد استوعبنا نبذة كبيرة في المنهل الصافي ومن شعره‏:‏ السريع تنفس الصبح فجاءت لنا من نحوه الأنفاس مسكيه وأطربت لي العود قمرية وكيف لا تطرب عوديه وله في طباخ‏:‏ السريع هويت طباخًا له نصبة نيرانها للقلب جنات يكسر أجفانًا إذا ما رنا لها على الأرواح نصبات جفني وجفن الحب قد أحرزا وصفين من نيلك يا مصر جفني له يوم الوداع الوفا وجفنه الساجي له الكسر وله أيضًا‏:‏ مخلع البسيط لو لم يكن كفه غمامًا ما أنبتت في الطروس زهرا نعم ولولاه بحر جود ما أبرز اللفظ منه درا ومن شعره - رحمه الله تعالى وعفا عنه - قصيدته التي أولها‏:‏ الكامل قسمًا بروضة خده ونباتها وبآسها المخضر في جنباتها وبسورة الحسن التي في خده كتب العذار بخطه آياتها وبقامة كالغصن إلا أنني لم أجن غير الصد من ثمراتها لأعزرن غصون بان زودت أعطافه بالقطع من عذباتها وأباكرن رياض وجنته التي ما زهرة الدنيا سوى زهراتها ولأصبحن للذتي متيقظًا ما دامت الأيام في غفلاتها كم ليلة نادمت بدر سمائها والشمس تشرق في أكف سقاتها خالفت في الصهباء كل مقلد وسعيت مجتهدًا إلى حاناتها فتحير الخمار أين دنانها حتى اهتدى بالطيب من نفحاتها فشممتها ورأيتها ولمستها وشربتها وسمعت حسن صفاتها فتبعت كل مطاوع لا يختشي عند ارتكاب ذنوبه تبعاتها يأتي إلى اللذات من أبوابها ويحج للصهباء من ميقاتها عرف المدام بحسنها وبنوعها وبفضلها وصفاتها وذواتها يا صاح قد نطق الهزار مؤذنًا أيليق بالأوتار طول سكاتها فخذ ارتفاع الشمس من أقداحنا وأقم صلاة اللهو في أوقاتها إن كان عندك يا شراب بقية مما تزيل بها العقول فهاتها الخمر من أسمائها والدر من تيجانها والمسك من نسماتها وإذا العقود من الحباب تنظمت إياك والتفريط في حباتها أمحرك الأوتار إن نفوسنا سكناتها وقف على حركاتها وتلا نسيم الروض فيها قارئًا فأمال من أغصانها ألفاتها ومليحة أرغمت فيها عاذلي قامت إلى وصلي برغم وشاتها لا مال وجهي عن مطالع حسنها وحياة طلعة وجهها وحياتها يا خجلة الأغصان من خطراتها وفضيحة الغزلان من لفتاتها ما الغصن مياسًا سوى أعطافها ما الورد محمرًا سوى وجناتها وعدت بأوقات الوصال كأنها ظنت سلامتنا إلى أوقاتها وتوفي الشيخ المسند المعمر ناصر الدين محمد الكردي الحرازي المعروف بالطبردار في ثامن عشر شهر ربيع الأول‏.‏

وكان سمع الكثير وتفرد بأشياء كثيرة منها كتاب فضل الخيل سمعه من مصنفه الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي وهو آخر من روى عنه‏.‏

ووقع لنا سماع فضل الخيل المذكور من طريقه عاليًا‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد حسن المغربي الصبان الحاجاوي في العشرين من شهر ربيع الأول بداره بالحسينية ودفن بباب النصر‏.‏

وتوفي الأمير قارا بن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن غضبة بن فضل بن ربيعة أمير آل فضل وملك العرب‏.‏

وكان كريمًا جليلًا شجاعًا مشكور السيرة‏.‏

وتولى عوضه إمرة آل وتوفي الشيخ الصالح المعتقد صالح الجزيري ساكن جزيرة أروى - أعني الجزيرة الوسطى - بها في رابع شهر ربيع الأول ودفن بزاويته بالجزيرة الوسطى‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين حطط بن عبد الله اليلبغاوي نائب حماة بها‏.‏

وتولى بعده الأمير طشتمر خازندار يلبغا أيضًا‏.‏

وكان حطط المذكور غير مشكور السيرة وعنده ظلم وعسف‏.‏

وهو من الذين قاموا على أستاذهم يلبغا العمري الخاصكي حسب ما تقدم ذكره‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين ماماق بن عبد الله المنجكي أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية في يوم الخميس ثالث شعبان ودفن بتربة عند دار الضيافة تجاه قلعة الجبل‏.‏

وتوفي الأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير ألجيبغا العادلي نائب غزة بها بعدما استعفى في سلخ جمادى الآخرة‏.‏

وتولى بعده نيابة غزة آقبغا بن عبد الله الدوادار‏.‏

وكان ابن ألجيبغا هذا شجاعًا مقدامًا وله حرمة ووقار في الدولة‏.‏

وتوفي الأمير حاجي بك بن شادي أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية بها في هذه السنة‏.‏

وتوفي الطواشي زين الدين ياقوت بن عبد الله الرسولي شيخ الخدام بالمدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - في ليلة الجمعة سابع عشرين شهر رمضان‏.‏

وكان من أعيان الخدام وله وجاهة في الدول وثروة كبيرة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين سطلمش بن عبد الله الجلالي بدمشق في ذي القعدة‏.‏

وكان أولا من جملة أمراء مصر ثم نفي منها على إمرة في دمشق‏.‏

وتوفي القاضي شمس الدين محمد بن أحمد بن مزهر أحد موقعي دمشق بها في شوال عن نحو الأربعين سنة‏.‏

وهو أخو القاضي بدر الدين محمد بن مزهر كاتب سر مصر‏.‏

وفيها كان الطاعون بالديار المصرية وضواحيها ومات فيها عالم كثير جدًا‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعًا وإصبعان‏.‏

والله أعلم‏.‏

السنة الرابعة من سلطنة الملك المنصور علي وهي سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة فيها كانت الوقعة بين الأتابك برقوق العثماني اليلبغاوي وبين خشداشه زين الدين بركة الجوباني اليلبغاوي ومسك بركة وحبس ثم قتل حسب ما لقدم ذكره وحسب ما يأتي أيضًا في الوفيات‏.‏

وفيها حضر من بلاد الجركس الأمير آنص والد الأتابك برقوق وأخواته النسوة كما تقدم ذكره‏.‏

وفيها قتل ابن عرام وقد تقدم ذكره وكيفية تسميره في أواخر ترجمة الملك المنصور هذا فلا حاجة لذكر ذلك ثانيًا‏.‏

وفيها توفي ماماي ملك التتار وحاكم بلاد الدشت‏.‏

وكان ولي الملك بعد كلدي بك خان في سنة ثلاث وستين وسبعمائة وكان من أجل ملوك الترك وأعظمهم ومات قتيلًا‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العلامة جلال الدين محمد المعروف بجار الله ابن الشيخ قطب الدين محمد بن الشيخ شرف الدين أبي الثناء محمود النيسابوري الحنفي قاضي قضاة الديار المصرية عن نيف وثمانين سنة بعد أن حكم خمس سنين‏.‏

وكانت ولايته بعد ابن منصور‏.‏

وتولى القضاء بعده صدر الدين بن منصور ثانيًا‏.‏

وكان عالمًا بارعًا في فنون من العلوم وتولى مشيخة الصرغتمشية بعد موت العلامة أرشد الدين السرائي‏.‏

وفيه يقول الأديب أبو العز زين الدين بن حبيب رحمه الله‏:‏ الكامل لله جار الله حاكمنا الذي ما مثله يسعى له ويزار حبًا له وكرامة من ماجد حسنت خلائقه ونعم الجار ورثاه شهاب الدين بن العطار‏:‏ البسيط قاضي القضاة جلال الدين مات وقد أعطاه ما كان يرجو بارئ النسم وتوفي الأمير الكبير زين الدين بركة بن عبد الله الجوباني اليلبغاوي رأس نوبة الأمراء وأطابك الديار المصرية مقتولًا بثغر الإسكندرية بيد صلاح الدين خليل ابن عرام نائب الثغر المذكور في شهر رجب‏.‏

وقد ذكرنا ما وقع لابن عرام بسببه من الضرب والتسمير والتقطيع بالسيوف في ترجمة الملك المنصور هذا‏.‏

كان بركة من مماليك يلبغا وصار من بعده في خدمة أولاد الملك الأشرف شعبان إلى أن كانت قتلة الملك الأشرف شعبان‏.‏

قام هو وخشداشه برقوق مع أينبك فأنعم أينبك على كل منهما بإمرة طبلخاناه دفعة واحدة من الجندية وندبهما بعد شهر للسفر مع الجاليش إلى الشام‏.‏

فاتفق بركة هذا مع خشداشيته ووثبوا على أخي أينبك حتى كان من أمر أينبك ما ذكرناه وصار بركة هذا أمير مائة ومقدم ألف هو وبرقوق وأقام على ذلك مدة‏.‏

ثم اتفق مع برقوق وخشداشيته على مسك الأمير طشتمر العلائي الدوادار فمسك طشتمر بعد أن قاتلهم‏.‏

ومن يوم ذاك استبد برقوق بالأمر وبركة هذا شريكه فيه وصار برقوق أتابك العساكر وبركة أطابك رأس نوبة الأمراء وحكما مصر إلى أن وقع الخلف بينهما وتقاتلا فانتصر برقوق على بركة هذا وأمسكه وحبسه بثغر الإسكندرية إلى أن قتله ابن عرام حسب ما تقدم ذكر ذلك كله في ترجمة الملك المنصور‏.‏

وإنما ذكرناه هنا ثانيًا تنبيها لما تقدم‏.‏

فكان بركة ملكًا جليلًا شجاعًا مهابًا تركي الجنس وفيه كرم وحشمة وله المآثر بمكة المشرفة وبطريق الحجاز وتوفي قاضي القضاة جلال الدين أبو المعالي محمد ابن قاضي القضاة نجم الدين محمد ابن قاضي القضاة فخر الدين عثمان بن جلال الدين أبي المعالي علي بن شهاب الدين أحمد بن عمر بن محمد الزرعي الشافعي سبط الشيخ جمال الدين الشريشي في هذه السنة وقد قارب الأربعين سنة‏.‏

وكان قد ولي قضاء حلب وحمدت سيرته‏.‏

وتوفي الوزير الصاحب تاج الدين عبد الوهاب المكي المعروف بالنشو في المصادرة تحت العقوبة عن نيف وستين سنة بعد أن ولي الوزارة أربع مرات‏.‏

وكان مشكورًا في وزارته محسنًا لأصحابه‏.‏

وهذا النشو غير النشو الذي تقدم ذكره في دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين منكلي بغا بن عبد الله الأحمدي البلدي نائب حلب بها ودفن خلف تربة قطلوبغا الأحمدي بين الجوهري والجمالية‏.‏

وكان من أجل الأمراء وممن طالت أيامه في السعادة‏.‏

ولي نيابة طرابلس وحماة وحلب مرتين - مات في الثانية - وعدة وظائف بالديار المصرية‏.‏

وكان حازمًا هيوبًا كريمًا ذا مروءة كاملة وتحشم‏.‏

وكان يقول‏:‏ كل أمير لا يكون مصروف سماطه نصف إقطاعه ما هو أمير‏.‏

وتوفي الأمير الطواشي زين الدين مختار السحرتي الحبشي مقدم المماليك السلطانية‏.‏

وكان صاحب معروف وصدقة وفيه كرم مع تحشم‏.‏

وتوفي قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس أحمد بن نور الدين علي بن أبي البركات منصور الدمشقي الحنفي قاضي قضاة الديار المصرية‏.‏

وليها ثم عزل نفسه‏.‏

وكان من أعيان العلماء‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام نور الدين أبو الحسن علي بن ألجاوي بالجيم أحد فقهاء المالكية في رابع عشر ذي الحجة بعد ما أفتى ودرس وأشتغل‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام المقرئ شمس الدين أبو عبد الله المعروف بالحكري الشافعي في ذي الحجة بالقاهرة‏.‏

وكان فقيهًا فاضلًا بارعًا في القراءات‏.‏

وتوفي الشيخ الصالح المعتقد زين الدين محمد بن المواز في شهر ربيع الأول‏.‏

وكان صاحب عبادة وللناس فيه اعتقاد حسن‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن نجم بن عمر بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن ذؤيب الأسدي الدمشقي المعروف بابن قاضي شهبة أحد أعيان الفقهاء الشافعية في ثامن المحرم‏.‏

ومولده ليلة الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وستمائة بدمشق‏.‏

وكان بارعًا فقيهًا مدرسًا مفتنًا‏.‏

وتوفي الشيخ زين الدين أبو محمد حجي بن موسى بن أحمد بن سعد السعدي الحسباني الشافعي الدمشقي في ليلة الأربعاء سابع عشر صفر‏.‏

وكان أحد فقهاء الشافعية بدمشق‏.‏

وحجي هذا هو والد بني حجي رؤساء دمشق في عصرنا‏.‏

انتهى‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وستة أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وأربعة أصابع‏.‏

انتهى‏.‏

سلطنة الملك الصالح حاجي الأولى السلطان الملك الصالح صلاح الدين أمير حاج ابن السلطان الملك الأشرف شعبان ابن الأمير الملك الأمجد حسن ابن السلطان الملك الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور قلاوون‏.‏

وهو الرابع والعشرون من ملوك الترك بالديار المصرية‏.‏

تسلطن بعد وفاة أخيه الملك المنصور علاء الدين علي في يوم الاثنين رابع عشرين صفر سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة‏.‏

وخبر سلطنته أنه لما مات أخوه الملك المنصور علي تكلم الناس بسلطنة الأتابك برقوق العثماني وأشيع ذلك فعظمت هذه المقالة على أكابر أمراء الدولة وقالوا‏:‏ لا نرضى أن يتسلطن علينا مملوك يلبغا وأشياء من هذا النمط‏.‏

وبلغ برقوقًا ذلك فخاف ألا يتم له ذلك‏.‏

فجمع برقوق الأمراء والقضاة والخليفة في اليوم المذكور بباب الستارة بقلعة الجبل وتكلم معهم في سلطنة بعض أولاد الأشرف شعبان فقالوا له‏:‏ هذا هو المصلحة وطلبوهم من الدور السلطانية‏.‏

وحضر أمير حاج هذا من جملة الإخوة فوجدوا بعضهم ضعيفًا بالجدري والبعض صغيرًا فوقع الاختيار على سلطنة أمير حاج هذا لأنه كان أكبرهم‏.‏

فبايعه الخليفة وحلف له الأمراء وباسوا يده ثم قبلوا له الأرض‏.‏

ولقب بالملك الصالح وهو الذي غير لقبه في سلطنته الثانية بالملك المنصور ولا نعرف سلطانًا تغير لقبه غيره وذلك بعد أن خلع برقوق وحبس بالكرك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى مفصلًا في وقته - انتهى‏.‏

ولما تم أمر الملك الصالح هذا ألبسوه خلعة السلطنة وركب من باب الستارة بأبهة الملك وبرقوق والأمراء مشاة بين يديه إلى أن نزل إلى الإيوان بقلعة الجبل وجلس على كرسي الملك وقبلت الأمراء الأرض بين يديه‏.‏

ثم مد السماط وأكلت الأمراء‏.‏

ثم قام السلطان الملك الصالح ودخل القصر وخلع على الخليفة المتوكل على الله خلعة جميلة‏.‏

ونودي بالقاهرة ومصر بالأمان والدعاء للملك الصالح حاجي‏.‏

وخلع السلطان على الأتابك برقوق واستقر على عادته أتابك العساكر ومدبر الممالك لصغر سن السلطان وكان سن السلطان يوم تسلطن نحو تسع سنين تخمينًا‏.‏

ثم في سابع عشرين صفر المذكور جلس السلطان الملك الصالح بالإيوان للخدمة على العادة‏.‏

ثم قام ودخل القصر بعد أن حضر الخليفة والقضاة والأمراء والعساكر وقرئ تقليد السلطان الملك الصالح عليهم‏.‏

وعند فراغ القراءة أخذ بدر الدين محمد بن فضل الله كاتب السر التقليد وقدمه للخليفة فعلم عليه بخطه‏.‏

وخلع السلطان على القضاة وعلى كاتب السر المذكور‏.‏

وانفض الموكب‏.‏

وأخذ برقوق في التكلم في الدولة على عادته من غير معاند وفي خدمته بقية الأمراء يركبون في خدمته وينزلون عنده ويأكلون السماط‏.‏

وأما القضاة والنواب بالبلاد الشامية وأرباب الوظائف بالديار المصرية في هذه الدولة فكان أتابك العساكر برقوق العثماني اليلبغاوي ورأس نوبة الأمراء أيتمش البجاسي وأمير سلاح علان الشعباني وأمير مجلس ألطنبغا الجوباني اليلبغاوي والدوادار الكبير آلابغا العثماني والأمير آخور جركس الخليلي وحاجب الحجاب مأمور القلمطاوي اليلبغاوي وأستادار العالية بهادر المنجكي ورأس نوبة ثاني - أعني رأس نوبة في زماننا - قردم الحسني وهؤلاء غير نائب السلطنة وهو الأمير آقتمر عبد الغني وغير أيدمر الشمسي وهما من أجل الأمراء وأقدمهم هجرة يجلس الواحد عن يمين السلطان والآخر عن يساره‏.‏

والقضاة‏:‏ الشافعي برهان الدين بن جماعة والحنفي صدر الدين بن منصور والمالكي علم الدين البساطي والحنبلي ناصر الدين العسقلاني‏.‏

وكاتب السر بدر الدين بن فضل الله العمري والوزير شمس الدين المقسي وناظر الجيش المحتسب جمال الدين محمود القيصري العجمي وناظر الخاص هو ابن المقسي أيضًا ونائب دمشق إشقتمر المارديني ونائب حلب إينال اليوسفي ونائب طرابلس كمشبغا الحموي ونائب حماة طشتمر القاسمي ونائب صفد الأمير الكبير طشتمر العلائي - نقل إليها من القدس - ونائب غزة آقبغا بن عبد الله ونائب إسكندرية بلوط الصرغتمشي‏.‏

والذين هم معاصروه من ملوك الأقطار‏:‏ صاحب بغداد وتبريز وما والاهما الشيخ حسين بن أويس وصاحب ماردين الملك الظاهر مجد الدين عيسى وصاحب اليمن الملك الأشرف ابن الملك الأفضل وصاحب مكة الشريف أحمد بن عجلان وصاحب المدينة الشريفة عطية بن منصور وصاحب سيواس القاضي برهان الدين أحمد وصاحب بلاد قرمان الأمير علاء الدين وصاحب بلاد سمرقند وما والاها تيمورلنك كوركان وصاحب بلاد الدشت طقتمش خان من ذرية جنجز خان‏.‏

انتهى‏.‏

ولما كان يوم الخميس ثالث شهر ربيع الآخر أنعم برقوق على الأمير تغري برمش بتقدمة ألف بديار مصر بعد وفاة أمير علي بن قشتمر المنصوري‏.‏

ثم أنعم على سودون الشيخوني بتقدمة ألف أيضًا واستقر حاجبًا ثانيًا عوضًا عن علي بن قشتمر المنصوري‏.‏

ثم بعد مدة أستقر تغري برمش المقدم ذكره أمير سلاح بعد وفاة علان الشعباني‏.‏

ثم استقر مأمور القلمطاوي حاجب الحجاب في نيابة حماة بعد وفاة طشتمر خازندار يلبغا العمري‏.‏

ثم طلب يلبغا الناصري من دمشق - وكان منفيًا بها على تقدمة ألف - فحضر في آخر شعبان فتلقاه الأتابك برقوق والأمراء وترجل له برقوق وأركبه مركوبًا من مراكيبه وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالقاهرة وأجلس رأس ميسرة فوق أمير سلاح‏.‏

فلم تطل مدته بديار مصر وأخلع عليه بنيابة حلب في يوم الخميس ثاني شوال بعد عزل إينال اليوسفي وطلبه إلى مصر‏.‏

فلما وصل إينال إلى غزة قبض عليه وأرسل إلى سجن الكرك‏.‏

ثم أنعم الأتابك برقوق على دواداره الأمير يونس النوروزي بتقدمة ألف بمصر عوضًا عن يلبغا الناصري وخلع على الأمير جركس الخليلي الأمير آخور الكبير واستقر مشير الدولة ورسم للوزير ألا يتكلم في شيء إلا بعد مراجعته‏.‏

وفي العشر الأخير من شوال أنعم على قطلوبغا الكوكائي بتقدمة ألف بعد وفاة الأمير آنص والد الأتابك برقوق العثماني الذي قدم قبل تاريخه من بلاد الجركس‏.‏

يأتي ذكر وفاته في الوفيات‏.‏

ثم في يوم الاثنين تاسع ذي الحجة من سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة تخلى الأمير تغري برمش أمير سلاح عن إمرته ووظيفته وتوجه إلى جامع قوصون ليقيم به بطالًا‏.‏

فأرسل الأتابك إليه الأمير سودون الشيخوني الحاجب الثاني وقردم الحسني رأس نوبة وتوجها إليه وسألاه أن يرجع إلى وظيفته وإمرته فلم يرجع لها فعادا بالجواب إلى برقوق بذلك‏.‏

ثم إن تغري برمش المذكور ندم من ليلته وأرسل يسأل الشيخ أكمل الدين شيخ الشيخونية أن يسأل برقوقًا أن يعيده إلى إمرته ووظيفته فأرسل أكمل الدين إلي برقوق بذلك فلم يقبل برقوق ورسم بخروجه إلى القدس ماشيًا فأخرجه النقباء إلى قبة النصر ماشيًا ثم شفع فيه فركب وسار إلى القدس‏.‏

ثم في العشر الأخير من شعبان أجرى جركس الخليلي الأمير آخور الماء إلى الميدان من تحت القلعة إلى الحوض الذي على بابه‏.‏

قلت‏:‏ وإلى الآن الحوض باق على حاله بلا ماء‏.‏

ثم في التاريخ المذكور أخرج الأمير جركس الخليلي فلوسًا جددًا من الفلوس العتق منها فلس زنته أوقية بربع درهم وفلس زنته نصف أوقية وفلس بفلسين‏.‏

فلما فعل ذلك وقف حال الناس وحصل الغلاء وقل الجالب فلما بلغ الأتابك برقوقًا أمر بإبطالها‏.‏

وفي المعنى يقول الشيخ شهاب الدين أحمد بن العطار رحمه الله تعالى‏:‏ البسيط تغيير عتق فلوس قد أضر فكم حوادث جلا جلت من العدد وقالت العامة - لما فعل الخليلي ذلك ورسم بنقش اسمه على الفلوس -‏:‏ الخليلي من عكسو نقش اسمو على فلسو‏.‏

انتهى‏.‏

ثم حضر إلى الديار المصرية في ذي الحجة الأمير كمشبغا الحموي نائب طرابلس - وكان السلطان والأتابك برقوق في الصيد بناحية كوم برا - فأخلع السلطان عليه باستمراره على نيابة طرابلس‏.‏

ثم في يوم الخميس ثالث المحرم سنة أربع وثمانين وسبعمائة استقر سودون الفخري الشيخوني حاجب الحجاب بالديار المصرية وكانت شاغرة من العام الماضي منذ توجه مأمور القلمطاوي إلى نيابة حماة‏.‏

ثم أرسل الأتابك برقوق بكلمش الطازي العلائي إلى دمياط لإحضار بيدمر الخوارزمي المعزول عن نيابة دمشق قبل تاريخه فحضر في العشرين من المحرم وتلقاه الأتابك برقوق من البحر وخلع عليه باستقراره في نيابة دمشق على عادته عوضًا عن إشقتمر المارديني‏.‏

وفي سلخ صفر تولى القاضي بدر الدين بن أبي البقاء قضاء الشافعية بديار مصر عوضًا عن قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة ورسم بانتقال مأمور القلمطاوي من نيابة حماة إلى نيابة طرابلس عوضًا عن كمشبغا الحموي بحكم انتقال كمشبغا إلى دمشق على خبز جنتمر أخي طاز بحكم توجه جنتمر إلى القدس بطالًا‏.‏

ونقل إلى نيابة حماة الأمير الكبير طشتمر العلائي الدوادار الذي كان قبل تاريخه حكم مصر وتولى نيابة صفد بعد طشتمر الدوادار تلو حاجب حجاب دمشق‏.‏

وفي العشر الأوسط من شعبان نام الأتابك برقوق بمبيته بسكنه بالإسطبل السلطاني وقعد شيخ الصفوي الخاصكي يكبسه‏.‏

وبينما هو نائم مسكه شيخ المذكور في جنبه قويًا خارجًا عن الحد فقعد برقوق من اضطجاعه وقال له‏:‏ ما الخبر فقال‏:‏ إن مملوكك أيتمش اتفق مع مماليك الأسياد الذين في خدمتك ومعهم بطا الأشرفي على أنهم الساعة يقتلونك فسكت برقوق وجلس على حاله فإذا أيتمش المذكور دخل عليه فقام برقوق وأخذ بيده قوسًا وضربه به ضربة واحدة صفحًا أرماه وأمر بمسكه وقال له‏:‏ يا متخنث الذي يأخذ الملك ويقتل الملوك يقع من ضربة واحدة‏.‏

ثم مسك بطا الخاصكي‏.‏

وخرج برقوق وجلس بالإسطبل وطلب سائر الأمراء الكبار والصغار‏.‏

فطلع الجميع إليه في الحال فكلمهم بما سمع وجرى ثم أمسك من مماليك الأسياد نحو سبعة عشر نفرًا منهم‏:‏ كزل الحططي ويلبغا الخازندار الصغير وجماعة من رؤوس نوب الجمدارية عنده‏.‏

ثم في صبيحة نهاره أمسك جماعة من رؤوس نوب الجمدارية وجماعة آخر تتمة خمسة وستين نفرًا من مماليك الأسياد وهرب من بقي منهم‏.‏

فالذين كان قبض عليهم أول يوم حبسهم بالبرج من قلعة الجبل والذين مسكهم من الغد حبسهم بخزانة شمائل‏.‏

ثم أنزل بطا الخاصكي الأشرفي وأيتمش إلى خزانة شمائل‏.‏

ثم أمسك الأتابك برقوق الأمير ألابغا العثماني الدوادار الكبير وأحد مقدمي الألوف بالديار المصرية وسجنه‏.‏

ثم أخرجه على إمرة طبلخاناه بطرابلس‏.‏

ثم نقله بعد مدة يسيرة إلى تقدمة ألف بدمشق‏.‏

ثم في يوم السبت مستهل شهر رمضان أخرج برقوق من خزانة شمائل ثلاثة وأربعين مملوكا من الممسوكين قبل تاريخه وأمر بتخشيبهم وتقييدهم ومشوا وهم مزنجرين بالحديد ومعهم سودون الشيخوني حاجب الحجاب ونقيب الجيش إلى أن أوصلوهم إلى مصر القديمة وأنزلوهم إلى المراكب وصحبتهم جماعة من الجبلية فتوجهوا بهم إلى قوص‏.‏

وكان سبب اتفاق هؤلاء المماليك على برقوق وقتله بسكنه بباب السلسلة لفرصة كانت وقعت لهم باشتغال الأمير جركس الخليلي الأمير آخور بجسر كان عمره بين الروضة ومصر في النيل‏.‏

وخبره أنه لما كان في أوائل شهر ربيع الأول من هذه السنة اهتم الأمير جركس الخليلي المذكور في عمل جسر بين الروضة وبين جزيرة أروى المعروفة بالجزيرة الوسطى طوله نحو ثلاثمائة قصبة وعرضه عشر قصبات وأقام هو بنفسه على عمله ومماليكه وجعل في ظاهر الجسر المذكور خوازيق من سنط وسمر عليها أفلاق نخل جعلها على الجسر كالستارة تقية من الماء عند زيادته وانتهى العمل منه في آخر شهر ربيع الأخر‏.‏

ثم حفر في وسط البحر خليجًا من الجسر المذكور إلى زريبة قوصون ليمر الماء فيه عند زيادته ويصير البحر ممره دائمًا منه صيفًا وشتاءً وغرم على هذا العمل أموالًا كثيرة فلم يحصل له ما أراد على ما يأتي ذكره‏.‏

وفي هذا المعنى يقول الأديب شهاب الدين أحمد بن العطار‏:‏ الخفيف شكت النيل أرضه للخليلي فأحضره ورأى الماء خائفًا أن يطاها فجسره وقال في المعنى شرف الدين عيسى بن حجاج العالية رحمه الله تعالى‏:‏ الكامل جسر الخليلي المقر لقد رسا كالطود وسط النيل كيف يريد فإذا سالتم عنهما قلنا لكم ذا ثابت دهرا وذاك يزيد فهذا هو الذي كان أشغل الخليلي عن الإقامة بالإسطبل السلطاني وأيضًا لما كان خطر في نفوسهم من الوثوب على الملك فإنه من يوم قتل الملك الأشرف شعبان وصار طشتمر اللفاف من الجندية أتابك العساكر ثم من بعده قرطاي الطازي ثم من بعده أينبك البدري ثم من بعده قطلقتمر ثم الأتابك برقوق وبركة - وكل من هؤلاء كان إما جنديًا أو أمير عشرة وترقوا إلى هذه المنزلة بالوثوب وإقامة الفتنة - طمع كل أحد أن يكون مثلهم ويفعل ما فعلوه فذهب لهذا المعنى خلائق ولم يصلوا إلى مقصودهم‏.‏

انتهى‏.‏

واستمر الأتابك برقوق بعد مسك هؤلاء في تخوف عظيم واحترز على نفسه من مماليكه وغيرهم غاية الاحتراز‏.‏

فأشار عليه بعد ذلك أعيان خشداشيته وأصحابه مثل أيتمش البجاسي وألطنبغا الجوباني أمير مجلس وقردم الحسني وجركس الخليلي ويونس النوروزي الدوادار وغيرهم أن يتسلطن ويحتجب عن الناس ويستريح ويريح من هذا الذي هو فيه من الاحتراز من قيامه وقعوده‏.‏

فجبن عن الوثوب على السلطنة وخاف عاقبة ذلك فاستحثه من ذكرناه من الأمراء فاعتذر بأنه يهاب قدماء الأمراء بالديار المصرية والبلاد الشامية‏.‏

فركب سودون الفخري الشيخوني حاجب الحجاب ودار على الأمراء سرا حتى استرضاهم ولازال بهم حتى كلموا برقوقًا في ذلك وهونوا عليه الأمر وضمنوا له أصحابهم من أعيان النواب والأمراء بالبلاد الشامية وساعدهم في ذلك موت الأمير آقتمر عبد الغني فإنه كان من أكابر الأمراء وكان برقوق يجلس في الموكب تحته لقدم هجرته وكذلك بموت الأمير أيدمر الشمسي فإنه كان أيضًا من أقران اقتمر عبد الغني فماتا في سنة واحدة على ما يأتي ذكرهما في الوفيات إن شاء الله تعالى‏.‏

فعند ذلك طابت نفسه وأجاب‏.‏

وصار يقدم رجلًا ويؤخر أخرى حتى كان يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة طلع الأمير قطلوبغا الكوكائي أمير سلاح وألطنبغا المعلم رأس نوبة إلى السلطان الملك الصالح أمير حاج صاحب الترجمة فأخذاه من قاعة الدهيشة وأدخلاه إلى أهله بالدور السلطانية وأخذا منه النمجاة وأحضراها إلى الأتابك برقوق العثماني‏.‏

وقام بقية الأمراء من أصحابه على الفور وأحضروا الخليفة والقضاة وسلطنوه على ما سنذكره في أول ترجمته بعد ذكر حوادث سنين الملك الصالح هذا على عادة هذا الكتاب إن شاء الله تعالى‏.‏

وخلع الملك الصالح من السلطنة فكانت مدة سلطنته على الديار المصرية سنة واحدة وسبعة أشهر تنقص أربعة أيام على أنه لم يكن له في السلطنة من الأمر والنهي لا كثير ولا قليل‏.‏

واستمر الملك الصالح عند أهله بقلعة الجبل إلى أن أعيد للسلطنة ثانيًا بعد خلع الملك الظاهر برقوق من السلطنة وحبسه بالكرك في واقعة يلبغا الناصري ومنطاش كما سيأتي ذكر ذلك مفصلًا‏.‏

السنة الأولى من سلطنة الصالح أمير حاج الأولى وهي سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة‏.‏

على أن أخاه الملك المنصور عليًا حكم فيها من أولها إلى